شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 12)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 12)
المحتوى
سب الانتفاضة في إطارها الاستراتيجي
في جامعة تل - أبيب» ان شمل تقريره؛ المنشون في آذار (مارس) الماضيء ستة خيارات: تتراوح بين
استمرار الوضع الراهن واقامة دولة فلسطينية. وأوصى التقرير بالتفاوض المباشر مع منظمة التحرير
الفلسطينية» وتيسير السبل لقيام الدولة الفلسطينية» بعد فترة حكم ذاتي تمتد بين عشرة أعوام
وخمسة عشر عاماً.
وأكدت الإنتفاضة:, فيما أبدعت في التخطيط والتنفيذ» ما أثبتته حرب العام 19177: وهى امكان
أخذ العدى الاسرائيلي بغتة. واذا كانت اسرائيل زعمت انها تلقّت درساً من تلك الحرب» واحتاطت
لاحتمالات المفاحأة بأنواعها العدّة, فقد وقعت» مرة أخرىء في مصيدة التقصير الاستخباراتي. ومن
عجب ان لا تكتشف اسرائيل احتمال انتفاضة الشعب الفلسطيني في الارض المحتلة. على شكل هبّة
رجل واحد. ومن عجبء أيضاًء أن لايعرف جواسيسها وعيونها وأجهزة مخابراتهاء المبثوثة في كل مكان
من تلك الارضء نيّات شعب بكامله. والأعجب من هذا وذاك ان لا تستطيع مراكز البحوث والدراسات
السياسية والعسكرية والاستراتيجية والاجتماعية في اسرائيلء وهي مراكز غنية بالطماء
واللتخصصين والهسائل الحديثة, التنبق باحتمال حدوث ما حدث. أسئلة كثيرة تضع اشارات
استفهام على قدرات أجهزة المخابرات الاسرائيلية وهي قدرات تضهّمها الادعاءات والأوهام وأساطير
أجهزة الاعلام.
لقد أخرجت الانتفاضة الجيش الاسرائيلي من اطار مذهبه العسكري الذي عاش عليه أكثر من
أريعين عاماًء ورسخ أسسه ومفاهيمه؛ وطبّق مبادئه في جميع الحروب والمعارك التي خاضها.
ومن أسس ذلك المذهب ان لا يتعرّض الجيش الاسرائيلي لحرب طويلة الأمدء وان لا يقبل
الاستدراج الى حرب استنزاف» وان يسعى, دائماًء الى ان يفرض, هى ال معركة على خصمه: فيحدّد
الزمان ويختار المكان» ويقتصد بقواه؛ فلا يشدّتهاء ويجمعها ويركزها ولا يفرقها على جبهات ساخنة
ومتحركة عدة في أن.
وفي حين لم يكن يعرف الجيش الاسرائيلي مذهباً غير هذا الذي جرّبه واقتنع بجدواهء وأقام عليه
برامج تدريبه وخططه الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية, جاءت الانتفاضة لتستدرج الجيش
الاسرائيلي إلى معركة هى في أصلها ملا معركة». وإلى ميدان يصعب التخطيط للقتال فيه, والى
استنزاف للقوى والجهوبء بطيء» دائم» لا يهداء عمره أكثر من خمسمئة يوم حتى الآن. وهو
استنزاف مجر من القدرة على القتال: لم يعرفه هذا الجيش من قبل. وقد جُنَ اليه دون ان يختار
أمكنة وقائعه ولا أزمنتهاء وانما فرضت عليه فرضا.
لقد بنت اسرائيل خططها القتالية على أساس تكرار الحروب العربية ‏ الاسرائيلية طوال العقود
الأربعة الماضية. ولم تكن ثورة الأرض ال محتلة في حسبان تلك الخططء ولم تكن تنزل في المكانة الأولى
منها. فهىء في نظر المؤسسة العسكرية الاسرائيلية: ليست سوى تحدّيات محتملة, ثانوية الطابع»
متفرقة جغرافياً. ضعيفة التكوين البشري» يمكن احتواؤها بسهولة.
وحينما نشبت الانتفاضة:؛ واجهتها اسرائيل بهذا المقفهوم الذي ساد في الخطط العملياتية. وما
أن أفصحت الانتفاضة عن مدى عمقها وإنتشارها وفدائها, حتى غيرت المؤسسة العسكرية مفهومها
شيئاً فشيئاً. وأصبحت تواجه تهديداً غير عسكري بالوسائل العسكرية التقليدية. وهذا هى اللأذق
الاستراتيجى الاسرائيلي.
ومن مظاهر هذا المأزق» ان الانتفاضة أدّت الى تقليص القدرات العملياتية وفعالية الردع
العدد 154 آيار ( مايى) 1545 لون فلسطلقية ‎1١‏
تاريخ
مايو ١٩٨٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 7241 (4 views)