شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 13)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 13)
- المحتوى
-
د. هيثم الكيلائي سب
للجيش الاسرائيلي؛ كما أدت الى بدء تآكل قيّمه المعنوية. فقد أثبتت التجربة انه كلما ازداد القمع
الاسرائييء انتشرت الانتفاضة واتسعت. ولا تذال وسائل القمع الاسرائيلية؛ القتالية منها
والاضطهادية, غير مجديةء بل أذّت الى نتيجة معاكسة:؛ إن زادت الانتفاضة اشتعالاً وتصاعدا
وتنظيماً. ومن المنتظر أن تترسّخ الأطر المؤسساتية والقيادية والتنظيمية والادارية للانتفاضة؛ وتزد اد
قدرة على التحرّك والقيادة والتدبير.
واضافة الى ذلك: أصابت الانتفاضة الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية بهرَّة عنيقة» حين
أسقطت منها نظرية «الحدود الآمنة», تلك الدعوى التي استندت اليها اسرائيل في شنّ حرب العام
517, وف الاحتفاظ بالاراضي المحتلة, لتحصل على عمق دفاعي يساعدها على التعبئة والحشد
والمناورة. وقد أكدت الانتفاضة ما أثبتته حرب العام 1517, ولكن بطريقة أخرى, أن هذه الحدود
ليست ذات قيمة بالنسبة الى أمن اسرائيل؛ ولم تعد تشكل عمقاً استراتيجياً لهاء يتيح لها الانذار
اليكره ويمنحها فرصة تعبئة قواتها الاحتياطية وحشدهاء وان الخطر على اسرائيل كامن ومتريّص فق
داخل تلك الحدون ذاتها. وهو خطر يلازم طبيعة الكيان الصهيوني الاستعمارية - الاحتلالية -
العنصرية.
ومن مكاسب الانتفاضة:؛ أيضاً» انها استنزفت اسرائيل» ماديأًء ومعنوياً. وسياسياً. واجتماعياً
وجرّحتها وأمسالت الدماء من جروحها الصغيرة الكثيرة, دولياً واعلامياًء على الرغم من ان هذا
الاستنزاف لم يخلّفء بعد, خسائر بشرية كبيرة حتى الآن في الجانب المعادي, ولكنه كلّف اسرائيل
كخيراً في عملية المواجهة» وعصر اقتصادها حين غيّب اليد العاملة الفلسطينية عن خدمة الاقتصاد
الاسرائيلي» وأجبر القوى السياسية في اسرائيل على أن تعيد النظر في خططها وسياساتها, وفرض
قيود! على صانعي القرار فيها؛ وعطل برامج التدريب العسكريء وجمّد كتلة من الجيش لايقل حجمها
- حسب تقديرنا - عن 5١ لواء»ء أي ما يعادل حوالى ثلث الجيش العامل؛ وهي قوة مدعومة بوحدات
مصفحة ووحدات ميكانيكية وطائرات مروحية؛ خصّصت,. جميعهاء للتصدي للانتفاضة ميدانياً في
مختلف المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية؛ في حين حشدت قيادة الجيش قسماً آخر منه,
معظمه مؤلف من وحدات مدرّعة ووحدات ميكانيكية في مراكز حشد عملياتية في أمكنة محددة من
الاراضي المحتلة. ومهمّة هذه الوحداتٍ أن ترفد الوحدات الميدانية في مواقع الصدام. اما القسم
الثالث, فقد احتفظ به في تكناته مستنفراء لمواجهة مختلف الاحتمالات؛ سواء داخل الأراضي المحتلة
أو على الحدود. وتدخل في اطار هذا القسم القوات الجوية؛ بمختلف تشكيلاتها.
وهكذا غرق الجيش الاسرائيي, كلّه, في ممارسة الجبروت» يدعمه نظام متكامل من التدابير
العسكرية القضائية - الادارية التي تمائل نظام التميين العنصري في افريقيا الجنوبية, بل تفوقه
عنصرية وظلماً وقهراً في بعض جوانبه.
وليس من شك في ان القدرة الاسرائيلية على السيطرة على مسار الانتفاضة أصبحت موضع
تساؤلات وشكوك داخل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية؛ وخارجها. وتشير الاجراءات الاسرائيلية
المضادة وفيها تطوير تكتيك الاشتباك؛ وتغيير أنواع الاسلحة؛ واختراع أسباب وأساليب جديدة
للقهر والاضطهاد - الى التخبّط والحيرة اللذين تعاني منهما المؤسسة الاسرائيلية.
وممًّا يؤكد قصور القدرة الاسرائيلية عن قهر الانتفاضة؛ تصاعد سلّم الحوادث في الزيادة
والتنوّع. فالاحصاءات الرسمية الاسرائيلية بغض النظر عن عدم مصداقيتها تشير الى ان
١524 ون فلضطبية العدد 15: أيار ( مايى) 1١5 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 194
- تاريخ
- مايو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22431 (3 views)