شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 100)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 100)
- المحتوى
-
سك نشاة اسرائيل وسياسة بن غوريون
المنطق الذي ارساه بن - غوريون» وشجع عليه؛ ليتحوّل؛ فيما بعدء الى عقيدة يصبح الخروج عليها ذوعا من
الكفر. وهكذ! نشط جيش من الدبلوماسيين: والسماسرة؛ ورجال الاستخبارات, والموظفينء والعملاء. في انحاء
العالم, ؛ جنوياً وشمالاً؛ شرقاً وفرياًء من اجل حتٌ اليهود هناك على الهجرة. وعقدت صفقات تجارية واقتصادية
مع حكومات أوروبا الشرقية» غايتها الاساسية المقايضة على هجرة اليهود؛ بل لقد وصل الأمر, في احيان كثيرة,
الى حد دفع مبالغ مالية, ضريبة: عن كل شخص يهودي» واحياناً كانت الصفقة تشتمل على جدول تسعيرة بحسب
نوعية الاشخاص. فالشبان ليسوا كالكهول والشيوخ, والاصحاء الاقوياء ليسوا كالمرضى وذوي العاهات. هكذا
سارت الامور في اوروبا. أمّا في الدول التي لم تمنم حرية الهجرة لليهوب» كما كان الأمر في شمال أفريقيا والعراق
واليمنء فقد نظم مبعوثو مؤسسة الهجرة خطوط تهريب ليلية عبر الغابات والمسارب الجبلية. واستعانت المؤسسة,
مثلها مثل أي جهاز استخبارات سريء باسماء مستعارة ورمون: فالمبعوث الى «غوشن» ( مصر ) لم يكن يوقع الا
باسمه المستعار «ماكسي»؛ وكان العراق يسمى «برمان»؛ وايران «غولدمان», وهكذا دواليك. واستعانوا بشبكة
من المتعاونين والمخبرين من كل الانواع تضم مفتشي جمارك وشرطة حدود ورجال شرطة سرية ومحافظين وضباطاً
عسكريين وقناصل دول اجنبية وحتى وزراء ورؤساء دول. وفي كل مكانء تقريباً كان مبعوثى مؤسسة الهجرة
يعرضون الرشوة؛ وقد فتحت حسابات مالية في مصارف سويسرية لهذا الغرض. كان الوزراء المغارية؛ في ذلك
الوقت: يفضلون الرشوة من طريق هذه المصارف؛ فيما كان سلاطين اليمن يفضلون دولارات نقدية؛ وكذلك كان
الرومانيون يفضلونء ايضاًء أموالًا نقدية.
بيد أن هؤلاء المبعوثين لم يكونوا سماسرة محترفين ومتعهدين أذكياء فحسب؛ بل كانواء الى جانب ذلك»
محترفي دعاية, وارهابيين. وقد تضمنت الدعاية التي بتُوها الترهيب والترغيب. كانوا يحذّرون اليهود من أن انهم
اذا لم يخرجواء فوراًء فلن يستطيعوا الخروج فيما بعد؛ ولم يصوّروا لهم الامر على حقيقته في اسرائيل» حيث
كان المهاجرون الجدد يقيمون في معسكرات شبيهة بمعسكرات الاعتقال. وقد عملواء لمقتضى نجاح الدعاية,
لفرض الرقابة على رسائل المهاجرين من اسرائيل» خشية افتضاح ما يحدث: وكشف الاكاذيب حول الوعود التي
اعطوها لهم. وهذه ربسالة واحدة من تلك التي اوقفها الرقيب؛ من مهاجر الى امّهِ, كتب فيها:
6 -
«لقد كذبوا عليء أريد ان أعود فوراً. اذا لم أعد خلال اسبوع, فسأقضرؤنجوعاً. رجاءء عزيزتي: اجمعي
تبرّعات؛ أطلبي قروضاً؛ اسرقي؛ ارهني ما لديك؛ المهم ان تبعثي الي بنقود... ان هذا البلد لا ربٌ له».
لقد كانت الدوافع أقوى من عواطف ذلك الشاب المسكين, الذي لم تستطع أمّه ان تتسلم رسالته. فالهجرة
ليست لانقاذ اليهوب» وانما لانقان «الدولة», التي تحتاج إلى«الايدي التي تعمل وتقاتل» . ولهذا الاعتبان فقد
سعوا الى التشديد على هجرة الشباب وترك المسنين وذوي العاهات. وكان هذا هى أول موّشى الى انفصال «الدولة»
عن الدعوة. ولبناء الدولة المحاربة» شدّدوا على أولوية الاهتمام بجلب اليهود الاوروبيين الاكثر تشرباً للحضارة
والعلم والقيم الغربية النوعية, ولم يعبأوا بالمشكلات المعقدة والخطيرة التي وإجهت عمليات استيعاب المهاجرين
الجدد. وتوفير المسكن والحياة اللائقة لهم.
وحين بدآت الانتقادات» وأخذ الصراخ يعلى بسبب نقص القدرة على استيعاب المهاجرين الجددء كان هناك
من رأى في ذلك «انهزامية», وقلّة ايمان. أي كان هناك من استخدم الارهاب الفكري في قمع هذه الاصوات. ولقد
عارض بن - غوريون أي تقييد على الهجرة كما هو متوقع منه» ولم يجد امامه غير التوراة ليشحذ همم
«الانهزاميين» في الدولة. «بحسب علمي لم تكن هناك منازل: ولا عمل» لستة آلاف يهودي خرجوا من مصر. وعلى
الرغم من ذلك؛ فان موبى لم يتردد لحظة واحدة في اخراجهم». وهكذا نظر الى الهجرة ايضاً؛ باعتبارها مغامرة
تقارن بالخروج اليهودي في العهد القديم, يجب الانتصار فيها. أن الرهان اليهودي التقليدي الذي وصل حدود
المقامرةء هى الذي تحكم؛ في وقت مبكرء في تغليب الارتجال على التنظيم. كانت القاعدة الموجّهة في الدولة تتلخص
في ان الهجرة يجب أن تستمر بأي ثمن. ولا ينبغي ان يحول نقص الامكانات في الاستيعاب دون ذلك. وعلى هذا
النحى كان ينظر الى ما يجري في معسكرات الهجرة من مشكلات, باعتبارها اموراً ثانوية, على الرغم من
العدد:15: تموز ( يوليى ) 1985 هرون فلعطرزية 46 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 196
- تاريخ
- يوليو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10380 (4 views)