شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 52)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 52)
- المحتوى
-
ل مفهوم السلام في الثقافة السياسية الاسرائيلية
وقد انفصلت عن متطلبات توفير الضمان الاجتماعي المرتبط بكيان المجتمع السياسي. أمّا في الدول
الاستيطانية: فان الامور تأخذ صورة عكسية: حيث يلاحظ ان السياسة الداخلية؛ في معظم
خصائصها وعناصرهاء تتحدّد» وتنبع من عوامل أغلبها له طابع غير محلي.
لقد كيّف المشروع الصهيوني بنيته الاقتصادية الاجتماعية وفقاً لمتطلبات الصراع مع الخارج,
حيث اخضعت كل جوانب النشاط الداخليء والخارجيء لاعتبارات الصراع الدائم مع المحيط العربي»
ابتداء من عملية اختيار المهاجرين» وسبل تجميعهم» وتوزيعهم الجغرافي داخل فلسطين المحتلة,
وكيفية تجنيد الأيدي العاملة» وبناء اقتصاد الحرب» وتطور المؤسسة العسكرية» وآلية عمل الحكومة»
والأحزابء والمؤسسات العامة: والجهاز الاداريء والاعلاميء والخطط التربوية والتعليمية, والخدمات
العامة» بما فيها طرق المواصلات, والمطارات؛ والموانىء: والمستشفيات: وغيرها.
وعلى لهب الصراع الخارجيء تشكّلت مجموعة القيم والمثل السياسية والخبرات الفردية,
والجماعية, التي كوّنت مفردات الثقافة السياسية للجمهور الاسرائيلي, وللنخبة الحاكمة. ومع الاقرار
بأن عملية توزيع القيم في المجتمع تعتبر احدى الوظائف الأساسية للدولة» وبصورة أدق للنخبة
الحاكمة, الا ان النخبة الحاكمة نفسهاء وخاصة في نظام برلماني مثل اسرائيل؛ كثيراً ما تجد نفسها
أسيرة المزاج الجماهيريء مما يقسرها على الاقتراب من مزاج الجمهور لتحظى بثقته. ولتصل من
خلال هذه الثقة الى السلطة: وهى ما يبدو. بصورة جلية: في نسق العلاقات المتغيرة» بين الأحزاب
السياسية الاسرائيلية وبين جمهور الناخبين الاسرائيليين» وفي تغيّر برامج تلك الأحزاب» وحتى
ايديولوجيتهاء بما ينسجم مع تطورات المزاج الشعبي العام.
ان الصراع الخارجيء بصورته النظرية» وتجسيداته الفعلية, هى الثابت الوحيد بين جملة
المتغيرات التي أسهمت في تكوين الثقافة السياسية الاسرائيلية. فحدود الدولة, وسكانهاء ومقدرتها
الاقتصادية؛ وقواها السياسية؛ كلها خضعت:ء خلال تاريخ المشروع الصهيوني, لمتغيّرات جوهرية؛ غير
طبيعية؛ استدعاها الثابت الوحيد في مكونات المشروعء وهى الصراع الخارجي. ولهذاء يجد الدارس
ان محددات الثقافة السياسية الاسرائيلية ليست سوى مفردات مشتقة من الصراع الخارجيء وان
المتغيرات هي عوامل ثانوية تستمد قيمتهاء في الثقافة السياسية؛ من خلال علاقتها بالصراع» وليس
بمعزل عنه . فالحدود هي حدوب الأمن اللازمة لكسب الصراعء, والسكان هم مادة هذا الصراع, » وهم
المستهدفون وجودياً من قبل الاعداءء والمقدرة الاقتصادية هي وسيلة لتوفير متطلبات الصراع أو
والقوى السياسية هي المسؤولة عن قيادة المجتمع لكسب الصراعء الخ.
ان الاطار العام للثقافة السياسية الاسرائيلية قد نشأء وتبلور, عبر تجربة قصيرة نسبياً امتازت
بخصوصيتها وحدّتها. فالتجسيد الملموس للصراع مع المحيط تمثّل في ست حروب كبيرة خلال جيلين»
بالاضافة الى حالة توت مستمرة مع المحيط؛ وفي الداخل؛ مع انسداد الافق نحو المستقبل. ولهذاء فان
مفردات الثقافة السياسية هذه لا تخرج على محتوى الشراع المستمر, بل تنبع منه, وتصب فيه.
وهيء بصورة عامة: تتشكل من: التوترء والقوة, والأمن والعدوء والسلام.
التوتر كضرورة اجتماعية
سبقت الولادة الرسمية لاسرائيل ولادة جملة من التناقضات داخل التجمّع اليهودي: نجمت عن
الآلية المصطنعة لتشكّل هذا التجمّعء الذي نشاء وتطور, عبر عمليتي الهجرة والاستيطان» المترافقتين
مع الصراع ضد الفلسطينيين. وقد تزايدت تلك التناقضات, وتفاقمتء عقب قيام اسرائيل»
العدد 1517, آب ( اغسطس ) 1185 لشُوُون فلسطيزية لين - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 197
- تاريخ
- أغسطس ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10664 (4 views)