شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 54)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 54)
المحتوى
ففهوم السلام في الثقافة السياسية الاسرائيلية
داخل الجماعة الى خارجهاء بحيث يصبح العدو المشترك عاملاًٌ موحّداً للجماعة». واعتقد فرويد بأنه
من الأيسر ان يكره المرء من لا ينتسب الى جماعته؛ وبالتالي» «من المستطاع تحويل الدوافع العدوانية
الجماعية الى الخارج)(1).
وهكذا يصبح التهويل بخطر العداء العربي» واحتمالات الحرب مع العرب» وظيفة اجتماعية
حيوية تمارسها القيادة الاسرائيلية عبر وسائلها التربوية, والتثقيفية» والدعائية. لخلق تماسك
اجتماعي سلبي مبني على التوتر النفسي ازاء الخطر الخارجي. وترتفع وتيرة التهويل بالخطر الخارجي
كلما تفاقمت المشكلات الداخلية. حيث يوضع العداء العربي خارج اطاره التاريخي» فتصوّر النخبة
الحاكمة لجمهورها ان صراعها مع المحيط انما هوصراع من أجل البقاء؛ وانهم في حالة انعدام الخيان
مما يؤدي الى خلق مناخ نفسي يتميز بالاحساس بالحصارء وتركيز فكرة الخوف من خطر الابادة الذي
يمثله العدى الخارجي» فضلاٌ عن انفلات مشاعر الاستعلاء, والعنصرية؛ والميول العدوانية الاصلية»
والمكتسبة, في محيط الجماعة الاستيطانية.
وبصورة من الصورء فان مقولة العداء العربى تشكل استمراراً» وتطويراً» لمقولة اللاسامية. واذا
كانت الحركة الصهيونية حاولت جعل ذلك العامل السلبي (اللاسامية) هو أساس حركة اليهود في
الجغرافيا والتاريخ» فان النخبة الحاكمة في اسرائيل سعت. ولا تزال تسعىء الى اسقاط محتوى
اللاسامية على العربيء بحيث يصبح العداء للعرب والخوف منهم هى الجامع المشترك الذي يتوحّد
على أساسه الاسرائيليون.
غير ان المشكلة التي واجهت الصهيونيين» عقب قيام اسرائيل» هي ان العداء العربي لاسرائيل
قلّما تجسّد في صورة حرب حقيقية, أى تهديد أجدي بالحرب . فيعد هزيمة الجيوش العربية في حرب
العام 1544., كانت التقديرات الاسرائيلية تشير الى انه لن يكون بمقدور العرب» ولسنوات طويلة
مقبلة, شن حرب ضد اسرائيل؛ وان الخلافات العميقة التى نشبت بين الأنظمة العربية: بعد هزيمتهاء
تبعد احتمال قيام حلف عسكري عربي موجه ضد اسرائيل.
ولكن» ونظراً الى حاجة القيادة الاسرائيلية الى الاستمرار في التلويح بقرّاعة الخطر العربي
الداهم: فقد كان لا بد من اختلاق خطر عربي وهميء بل واستفزاز الدول العربية لاستجرار ردود
فعلهاء من أجل الحفاظ على حالة التوتر الضرورية لصهر اليهود الاسرائيليين في بوتقة الدولة على نار
حامية.
وقد بين موشي شاريتء في مذكراته, أهمية خلق المشكلة الأمنية مع عدم وجودها في الحقيقة ‏
من خلال تعليقه على حديث لموثي دايان حول ضرورة اقناع شباب اسرائيل بأنهم مهددون بالحرب.
قال شاريت: «والنتائج التي يمكن استخلاصها من كلام دايان هي في غاية الوضوح: هذه الدولة ليس
لديها أية التزامات تقلقها على المستوى الدولي ؛ كما أنها لا تلقي بالا للمشاكل الاقتصادية؛ أمّا مسألة
الأمن» فهي غير موجودة أساساً... عليها أن تعيش على الروح المعنوية العالية لدى مواطنيهاء لتحافظ
على المستوى المطلوب من التوتر. ومن أجل الوصول الى هذه الغاية؛ من الممكنء بل من الواجبء ان
نختلق الأخطار. وهكذاء على اسرائيل أن تلجأ الى اسلوب الاستفزان ومن ثم الانتقام»!"3).
وانسجاماً مع هذه القاعدة؛ يصبح افتعالٍ التوتر, وتصعيده, سياسة ثابتة تحتل مركزاً هاماً بين
أولويات القيادة الاسرائيلية ؛ وهي تتقدم, أحياناًء على الكثيرمن المتطلبات الحيوية بالنسبة الى أية دولة
عادية. فاذا كان السلام هدفاً تسعى اليه أية دولة مسالمة, فانه يبدو في المنظور الاسرائيلي»
العدد /151, آب ( اغسطس ) 1985 لشُوُون فلسطزية ارك
تاريخ
أغسطس ١٩٨٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 7332 (4 views)