شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 59)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 59)
المحتوى
عمر سعادة
بأن نكون أقوياء ومسلّحينء وقرّرنا ان لا نعتمد على فضل الكرماءء وان لا نرهن وجودنا بموافقة
الآخرين072).
وكان أبرز تلك المفاهيم التي تبلورت بفعل الحرب هو مفهوم السلام: وعلاقته بمبدآ القوة. فقد
حدد موثي طابنكينء, من قادة حزب مباي» في العام 174١.ء‏ المفهوم الجديد للسلام بالقول: «ان
السلام الحقيقي معناه استيطان المناطق (المحتلة)» سواء وافق العرب أم لم يوافقواء تماماً كما حدث
سايقاً... واذا كان الاستيطان يحول دون السلام؛ فان مجرد وجودنا يحول دون السلام(").
أمّا وزير المواصلات الأسبق أحد زعماء حزب العمل موشي كارمل؛ فتحدث عن النقاش الذي
كان يدور في اسرائيل حول مستقيبل المناطق المحتلة. قال: «ان هذا النقاش يمنحنا القوة. فبفضل هذا
النقاش تشكل رأي موحّد وقوي يقول: ان القدس ومنطقة عتسيوت (في الضفة الغربية)؛ والجولان»
وغزةء يجب عدم ارجاعها»(").
وفي مجتمع يدين بكل منجزاته للقوة. تصبح القوة ذاتها محور الحياة الاجتماعية» والاقتصادية,»
والسياسية:» والثقافية» ويبدى السلام وكأنه نقيض للقوة؛ أى كابح لاستخدامهاء بينما تبدو الحرب
وكأنها المفتاح السحري لكل الأبواب؛ ولذلك, يتم الاعلاء من وزن موّسسة الحرب وأهميتها في الحياة
العامة الى درجة اضفاء هالة من القداسة عليها. قال بن - غوريون: : «ان خير مفسّر ومِعلّق على التوراة
هى الجيش. فهو الذي يساعد الشعب على الاستيطان على ضفاف الاردن» مفسّراً بذلكء ومحققاً.
كلمات أنبياء العهد القديم». وقال» في مناسبة أخرى: «ان موسى» أعظم انبيائناء هو أول قائد عسكري
في تاريخ أمٌتنا». وقال بيريتشيفيسكي: «ان التوراة والسيف أنزلا علينا من السماء(2 0
ان حقيقة كون الجيش الاسرائيلي هى مؤسسة «الاجماع الوطني» في اسرائيل» ومحور الحياة
الاجتماعية؛ ترجع الى دوره الوظيفي الخطير, والى مستوى تغلغل المؤسسة الأمنية في الحياة العامة,
بحيث يصعب الفصل بين الجيش والمجتمع. كتب الكاتب الاسرائيلي عاموس بيرلوتر: «ان الجيش لم
يتكوّن ليصبح في الموقع الجانبي من تجرية الأمة» أى الوقوف على هامشهاء وانما تكوّن ليصبح في
مركز القلب منها. لقد صنع الجيش الأمة؛ وجعلها حقيقة قائمة... وتصبح قضية عدم الفصل بين
جيش الدفاع وبين مجتمعه على درجة كافية من الوضوحء عندما تظهر الأزمة الحاسمة؛ حيث يعني
تدمير احدى الوسيلتين تدميرا للوسيلة الثانية» بمعنى ان تدمير الجيش انما يعني زوال اسرائيلء»
والعكس بالعكس»(*9).
فالمؤسسة العسكرية الاسرائيلية هي ممرٌّ حتمي لجميع أفراد المجتمع» وهي مصدر اعتزاز للفرد
بمقاييس المجتمع الاسرائيليء حيث تناط بهذه المؤسسة مهمة صوغ التجربة الاسرائيلية بكاملهاء
وليس مجرد حماية هذه التجرية. واذا كانت القوة هي ركيزة أساسية في معادلة الوجوب والتطور
بالنسبة الى اسرائيل» فان المؤسسة العسكرية هي التجسيد الحي لهذه القوة. وكلّما اجتازت هذه
المؤسسة اختبارات الصراع بنجاحء ازدادت ثقة الفرد الاسرائيلي وارتباطه النفسي فيهاء ياعتبار انها
الجهة الوحيدة القادرة على اشباع حاجته الى الأمان؛ واحساسه بالاستعلاء على الاعداء الخارجين.
ويترتب على جملة الحقائق السابقة ان تصبح القوة غاية بحد ذاتهاء لتحتل موقع القيم المطلقة
(الخير. والحق والعدل, الخ) في سلّم القيم الفرديء والجماعي. فتصبح القوة بديلاً من الحق» ومن
العدل. فالقوة, وليس الحقء هي مصدر الوجود والاستمرار في الوعي الفردي: والجماعي» عند جمهور
الاسرائيليين. واذا كان من الصعب اقناع شخص ما بأن وجوده واستمراره؛ بكيفية معينة,
م5 شْيُون فلسطية العدد 151 آب ( اغسطس ) 1945
تاريخ
أغسطس ١٩٨٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 2922 (6 views)