شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 67)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 67)
المحتوى
عمر سعادة
فأول ما يتطلبه السلام هى الرغبة في تحقيقه. انطلاقاً من الاحساس بالحاجة الى الانتماء الى
المحيط الاقليمي؛ والتعايش معه بصورة ايجابية» وهو ما تفتقر اليه التجربة الاسرائيلية. فمنذ
البداية. تصوّر هرتسل ان دولة اليهوب ستكون «حصن الحضارة في وجه الهمجية» »مصادراً بذلك»
فكرة الانفتاح على المحيطء أو التعايش معه. وفي مطلع الستينات: حدّد بن غوريون انتماء اسرائيل»
عندما قال: «ان اسرائيل هى جزء من الشرق الأوسط؛ من حيث العامل الجغرافي فقط وهو, في جوهره,
عامل جامد؛ أمّا من حيث العوامل المصيرية الحاسمة:ء مثل الطاقات الحركية والابداعية والانمائية,
فان اسرائيل جزء من اليهودية العالمية. ومن هذه اليهودية العالمية, ت تستمد اسرائيل 0 » ووبسائل
صياغة الأمة وتطورها. بقوة اليهودية العالمية ايّاهاء سوف نبني اسرائيل مراراً وتكراراً [8*
أمّا شكل العلاقة مع المحيطء فقد أشار اليه وزير الخارجية الاسرائيلية الأسبقء أبا ايبن؛ عندما
قال: «ان أمل اسرائيل هو في ان تصبح الولايات المتحدة الصغرى. نحن لا نريد ان تكون لنا علاقات
مع الشرق الأوسطء على غرار العلاقات القائمة بين سوريا ولبنان؛ ولكننا نريدها على غرار علاقات
الولايات المتحدة الاميركية مع بلدان اميركا اللاتينية» من حيث التعامل الاقتصاديء مع ملاحظة
الفوارق التاريخية: والثقافية» واللغوية. ونريد» أيضاً» المحافظة على طابعنا الغربي»! 6050
ولا شك في ان هذه الرؤية» التي تقوم على رفض المحيط والاستعلاء عليه» لا يمكن لها ان تشكل
حافزاً لصنع السلام؛ أى التعايش البنّاء مع المحيط العربي. وقد أدت النجاحات المتتالية لاسرائيل»
في مجال اختبار القوة» الى تنامي الثقة بالقوة الذاتية؛ الى حد الاستغناء عن فكرة التصالح مع المحيط.
وصور الكاتب الاسرائيلي» توم سيغف. رؤية الحكومة الاسرائيلية الأولى الى السلام مع العرب في العام
4 فكتب: «... وما لبثت ان تبلورت مدرسة فكرية في وزارة الخارجية, اعتقدت بأن السلام غير
مجد ‎٠‏ وروى وزير الخارجية» شاريت لأعضاء كتلة مباي في الكنيست» ان ثمة اشخاصاً في أسرة وزارة
الخارجية يتمتعون بتفكير أصيلء» وهم يساهمونء مساهمة مهمة؛ في تكوين التفكير الجماعي في
الوزارة:ء ويميلون الى الاكتفاء باتفاقيات الهدنة»(١١).‏
وتدى غالبية الاسرائيليين» اليوم, ان السلام ليس ضرورياً ياً. فما دامت اسرائيل تملك من القوة ما
يحقق لها الأمن والاحتفاظ بمكاسب الحروب السابقة؛ فان السلام يبدى نوعاً من الترف السياسي»
لذي لاايستحق دفع أي ثمن مقابل تحقيقه: وخاصة عندما يكون هذا الثمن يتضئن الانسحاب من
مناطق جغرافية واسعة» يعتبرها معظم الاسرائيليين جزءاً من «أرض الآباء والأجداد»؛ وضماناً للأمن.
أما النخبة الاسرائيلية الحاكمة, فغالبيتها ترىء في السلام: عملية مكلفة: لا تتطلب فقط التخلي عن
جزء من الأراضي ا محتلة» بل وتمنع اكتمال المشروع الصهيونيء وتخيرٌ بالوظيفة المنوطة به لصالح
الامبريالية» والتي يتعيّش عليها؛ كما تنطوي على احتمالات تفجر الصراعات الداخلية الكامنة داخل
المجتمع الاسرائيلي.
وفي الحقيقة: فان قطاعاً واسعاً من الاسرائيليين يرفض السلامء لأنه لا يعرفه. فمنذ بداية الغزوة
الاستيطانية الصهيونية لفلسطين وهي تعيش حالة صراع مستمرء بوتائر مختلفة» الى درجة ان حالة
الصراع أصبحت هي الوضعية الطبيعية التي كيّف الاسرائيلي نفسيته وقدراته وفقها. وأصبح
السلام. بالاضافة الى غموضه وغرابته. وضعية شاذة تتطلب تكيّفاً مغايراً . واذا كانت حالة الصراع
خضعت للاختبارن. وتمخضت عن نتائج ايجابية من المنظور الاسرائيلي فان السلام يمثل وضعاً
معاكساً. ينطوي على تنازل عن المكتسبات التي تحققت من خلال الصراع. وقدم الكاتب
311 اشْيُون فلسطيزية العدد 151 آب ( اغسطس ) 1945
تاريخ
أغسطس ١٩٨٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 10664 (4 views)