شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 70)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 197 (ص 70)
المحتوى
ب مفهوم السلام في الثقافة السياسية الاسرائيلية
النظام المصري لم تكن اعتبارات سلام» بل اعتبارات حرب بالدرجة الأولى» فبعد تحييد القوة
العسكرية المصرية, اعتبرت اسرائيل ان يدها أصبحت مطلقة الحركة في المنطقة, فشئّت سلسلة من
الاعتداءات والحروب على محيطها العربي» بل وسّعت مجال عدوانهاء بحيث امتد الى المفاعل النووي
العراقي قرب بغدادء والى تونس؛ ؛ وأصيح موقفها من موضوعة السلام مع بقية المحيط العربي» ومع
الشعب الفلسطينيء أكثر تعنّتاً وتصلباً.
ومن هناء فان جملة التجارب التصالحية الجزئية السابقة؛ بدءاً من اتفاقية فصل القوات الأولى
وحتى كامب ديفيدء كانت تجسّدء في واقع الأمرء لحظات انكسار معادلة القوة الاسرائيلية, أي اختلالها
النسبي لغير صالح اسرائيل. ولهذاء فقد خطت اسرائيل نحوها مكرهة؛ لتفادي ما هو أسوأ منهاء ولم
تسع نحوها استجابة لتطلع اسرائيل الى تعايش سلمي مع المحيط العربيء أو اشباعاً لنزوع عام تجاه
السلامء باعتباره هدقاً سامياً وقيمة انسانية مطلقة. فالقيم المطلقة لا تشغل حيزاً كبيراً في الثقافة
السياسية الاسرائيلية؛ بل هيء على العمومء ثقافة براغماتية مبنيّة على المنافع والمصالح المباشرة.
فالحقيقة لدى الاسرائيلي - كما ذكر الكاتب الاسرائيلي اولك نيتسر ‏ هي «تلك التي تخدم مصالح
الشعبء لا تلك التي توجهه» وكما ذكر الكاتب الاسرائيلي » يسرائيل هارل» «لقد أصبحت مشكلة
الاسرائيليين انهم لا يؤمنون بأية حقيقة مطلقة؛ فهم - تقليداً للحضارة الغربية ‏ يؤمنون بنسية
الحقيقة, وبأن لكل عملة وجهين»[00. ..
وهكذا تتضح عبثية مخاطبة العقل الاسرائيي» انطلاقاً من مجموعة القيم المطلقة, كالقول
بخرورة تحقيق «العدالة» للشعب الفلسطينيء أو عدم «أحقية» احتلال أراضي الأخرين بالقوة» أى
بضرورة «مساواة» العربي بالاسرائيلي من حيث الحقوق والواجبات؛ الخ.
فالسياق التاريخي للتجربة الاسرائيلية كان مجافياًء على الدوام» لمجموع القيم الانسانية
المطلقة. وقد أفرزت التجربة الاسرائيلية بديلاً من مجموعة القيم المطلقة, وهي قيم نسبية مقيدة
باليهودي والاسرائيلي على أساس عنصري. فالحق, مثلاً. هو حق اليهودي في «أرض الميعاد»؛ ودحق
العودة». وحق الجنسية المقصور على اليهوديء والذي يلغي حق الآخرين» حتى لو كانوا الاصحاب
الحقيقيين والشرعيين للبلاد. لقد قال موشي دايان» ذات مرة؛ ان قضية الفلسطينيين عادلة شيئاً ماء
«لأننا نزرع حقولهم أمام أعينهم»(1'). غير ان استسلام دايان لتلك القيمية المطلقة (العدالة) كان
يعني نسف أساسات المشروع الصهيوني برمّته. ولهذاء سرعان ما يهرب الاسرائيلي من آسر القيم
المطلقة الى قيمه اليهودية الخاصة التي تبرر له وجوده وسلوكه تجاه الآخرين. ووجد مؤلفو كتاب
«البنية الطبقية للمجتمع الاسرائيلي» ان مقولة كارل ماركس «ان شعباً يضطهد شعباً آخر لا يمكن
ان يكون هو نفسه حراً» تنطبقء تماماًء على التجربة الاسرائيلية. فعملية نزع ملكية السكان
الأصليين؛ وممارسة الاضطهاد ضدهم, شكلت الشروط عينها اللازمة لظهور, واستمرارء المجتمع
الاسرائيلي؛ وبالتالي» فان مجموعة قيم هذا المجتمع مستمدة من تجربة الاعتداء على حقوق الآخرين»
وفرض الأمر الواقع عليهم.
ان كل ما تقدم لا يلغي امكان استجابة اسرائيل لفرص السلام, ولكنه يعين حدود» وكيفية» هذه
الاستجابة. فمعادلة القوة ستظل المحرك الأساسي للقوى الشعبية والنخبة الحاكمة باتجاة قبول,
العدد /191: آب ( اغ ) 115 لؤون فلسطزية 3
تاريخ
أغسطس ١٩٨٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 18079 (3 views)